الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{وَسْئَلْهُمْ} وسل اليهود. وقرئ: {واسألهم}. وهذا السؤال معناه التقرير والتقريع بقديم كفرهم وتجاوزهم حدود اللّه والإعلام بأنّ هذا من علومهم التي لا تعلم إلا بكتاب أو وحى، فإذا أعلمهم به من لم يقرأ كتابهم، علم أنه من جهة الوحى. ونظيره همزة الاستفهام التي يراد بها التقرير في قولك: أعدوتم في السبت؟ والقربة أيلة. وقيل: مدين. وقيل: طبرية. والعرب تسمى المدينة قرية. وعن أبى عمرو بن العلاء. ما رأيت قرويين أفصح من الحسن والحجاج، يعنى رجلين من أهل المدن {حاضِرَةَ الْبَحْرِ} قريبة منه راكبة لشاطئه {إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} إذ يتجاوزون حدّ اللّه فيه، وهو اصطيادهم في يوم السبت، وقد نهوا عنه. وقرئ: {يَعدّون} بمعنى يعتدون، أدغمت التاء في الدال ونقلت حركتها إلى العين، و{يُعدّون} من الإعداد، وكانوا يعدّون آلات الصيد يوم السبت، وهم مأمورون بأن لا يشتغلوا فيه بغير العبادة. والسبت: مصدر سبتت اليهود، إذا عظمت سبتها بترك الصيد والاشتغال بالتعبد، فمعناه: يعدون في تعظيم هذا اليوم، كذلك قوله: {يَوْمَ سَبْتِهِمْ} معناه يوم تعظيمهم أمر السبت. ويدل عليه قوله: {وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ} قراءة عمر بن عبد العزيز: {يوم إسباتهم} وقرئ: {لا يسبتون} بضم الباء. وقرأ على: {لا يسبتون} بضم الياء، من أسبتوا. وعن الحسن: {لا يسبتون} على البناء للمفعول، أي لا يدار عليهم السبت، ولا يؤمرون بأن يسبتوا، فإن قلت: {إذ يعدون} و{إذ تأتيهم} ما محلهما من الإعراب؟ قلت: أمّا الأوّل فمجرور بدل من القرية، والمراد بالقرية أهلها، كأنه قيل: واسألهم عن أهل القرية وقت عدوانهم في السبت، وهو من بدل الاشتمال. ويجوز أن يكون منصوبًا بكانت، أو بحاضرة. وأمّا الثاني فمنصوب بيعدون. ويجوز أن يكون بدلا بعد بدل. والحيتان السمك، وأكثر ما تستعمل العرب الحوت في معنى السمكة {شُرَّعًا} ظاهرة على وجه الماء. وعن الحسن: تشرع على أبوابهم كأنها الكباش البيض. يقال: شرع علينا فلان إذا دنا منا وأشرف علينا. وشرعت على فلان في بيته فرأيته يفعل كذا {كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ} أي مثل ذلك البلاء الشديد نبلوهم بسبب فسقهم {وَإِذْ قالَتْ} معطوف على {إذ يعدون}، وحكمه حكمه في الإعراب {أُمَّةٌ مِنْهُمْ} جماعة من أهل القرية من صلحائهم الذين ركبوا الصعب والذلول في موعظتهم، حتى أيسوا من قبولهم، لآخرين كانوا لا يقلعون عن وعظهم {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ} أي مخترمهم ومطهر الأرض منهم أَوْ {مُعَذِّبُهُمْ عَذابًا شَدِيدًا} لتماديهم في الشر. وإنما قالوا ذلك، لعلمهم أن الوعظ لا ينفع فيهم قالوا: {مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ} أي موعظتنا إبلاء عذر إلى اللّه، ولئلا نسب في النهى عن المنكر إلى بعض التفريط {وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} ولطمعنا في أن يتقوا بعض الاتقاء. وقرئ {مَعْذِرَةً} بالنصب، أي وعظناهم معذرة إلى ربكم، أو اعتذرنا معذرة {فَلَمَّا نَسُوا} يعنى أهل القرية، فلما تركوا ما ذكرهم به الصالحون ترك الناسي لما ينساه {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا} الظالمين الراكبين للمنكر. فإن قلت: الأمة الذين قالوا لِمَ تَعِظُونَ من أي الفريقين هم؟ أمن فريق الناجين أم المعذبين؟ قلت: من فريق الناجين، لأنهم من فريق الناهين. وما قالوا ما قالوا إلا سائلين عن علة الوعظ والغرض فيه، حيث لم يروا فيه غرضا صحيحًا لعلمهم بحال القوم. وإذا علم الناهي حال المنهي وأن النهى لا يؤثر فيه، سقط عنه النهى. وربما وجب الترك لدخوله في باب العبث. ألا ترى أنك لو ذهبت إلى المكاسين القاعدين على المآصر والجلادين المرتبين للتعذيب لتعظهم وتكفهم عما هم فيه، كان ذلك عبثا منك، ولم يكن إلا سببا للتلهى بك. وأما الآخرون فإنما لم يعرضوا عنهم إمّا لأن يأسهم لم يستحكم كما استحكم يأس الأولين، ولم يخبروهم كما خبروهم، أو لفرط حرصهم وجدّهم في أمرهم كما وصف اللّه تعالى رسوله عليه الصلاة والسلام في قوله: {فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ} وقيل: الأمة هم الموعوظون، لما وعظوا قالوا للواعظين: لم تعظون منا قوما تزعمون أنّ اللّه مهلكهم أو معذبهم؟ وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: يا ليت شعري ما فعل بهؤلاء الذين قالوا: لم تعظون قوما؟ قال عكرمة: فقلت جعلني اللّه فداك، ألا ترى أنهم كرهوا ما هم عليه وخالفوهم وقالوا، لم تعظون قوما اللّه مهلكهم، فلم أزل به حتى عرفته أنهم قد نجوا. وعن الحسن: نجت فرقتان وهلكت فرقة، وهم الذين أخذوا الحيتان. وروى أنّ اليهود أُمروا باليوم الذين أُمرنا به وهو يوم الجمعة، فتركوه واختاروا يوم السبت، فابتلوا به وحرّم عليهم فيه الصيد، وأمروا بتعظيمه، فكانت الحيتان تأتيهم يوم السبت شرعا بيضا سمانا كأنها المخاض، لا يرى الماء من كثرتها، ويوم لا يسبتون لا تأتيهم، فكانوا كذلك برهة من الدهر، ثم جاءهم إبليس فقال لهم: إنما نهيتم عن أخذها يوم السبت فاتخذوا حياضا تسوقون الحيتان إليها يوم السبت، فلا تقدر على الخروج منها. وتأخذونها يوم الأحد، وأخذ رجل منهم حوتا وربط في ذنبه خيطا إلى خشبة في الساحل، ثم شواه يوم الأحد، فوجد جاره ريح السمك فتطلع في تنوره فقال له: إنى أرى اللّه سيعذبك، فلما لم يره عذب أخذ في السبت القابل حوتين، فلما رأوا أنّ العذاب لا يعاجلهم، صادوا وأكلوا وملحوا وباعوا، وكانوا نحوا من سبعين ألفًا، فصار أهل القرية أثلاثا، ثلث نهوا وكانوا نحوًا من اثنى عشر ألفًا، وثلث قالوا: لم تعظون قوما؟ وثلث هم أصحاب الخطيئة. فلما لم ينتهوا قال المسلمون: إنا لا نساكنكم، فقسموا القرية بجدار: للمسلمين باب، وللمعتدين باب. ولعنهم داود عليه السلام، فأصبح الناهون ذات يوم في مجالسهم ولم يخرج من المعتدين أحد، فقالوا: إن للناس شأنا، فعلوا الجدار فنظروا فإذا هم قردة، ففتحوا الباب ودخلوا عليهم فعرفت القرود أنسباءها من الإنس، والإنس لا يعرفون أنسباءهم من القرود، فجعل القرد يأتى نسيبه فيشم ثيابه ويبكى، فيقول: ألم ننهك فيقول برأسه: بلى. وقيل: صار الشباب قردة، والشيوخ خنازير. وعن الحسن: أكلوا واللّه أو خم أكلة أكلها أهلها، أثقلها خزيا في الدنيا وأطولها عذابا في الآخرة، هاه وايم اللّه، ما حوت أخذه قوم فأكلوه أعظم عند اللّه من قتل رجل مسلم. ولكن اللّه جعل موعدا، والساعة أدهى وأمرّ. {بَئِيسٍ} شديد. يقال: بؤس يبؤس بأسا، إذا اشتدّ، فهو بئيس. وقرئ: {بئس} بوزن حَذِر. و{بئس} على تخفيف العين ونقل حركتها إلى الفاء، كما يقال: كبد في كبد. و{بيس} على قلب الهمزة ياء، كذيب في ذئب، و{بيئس} على فيعل، بكسر الهمزة وفتحها. و{بيس} بوزن ريس، على قلب همزة {بيئس} ياء وإدغام الياء فيها، و{بيس} على تخفيف بيس، كهين في هين. و{بائس} على فاعل {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ} فلما تكبروا عن ترك ما نهوا عنه، كقوله: {وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} {قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً} عبارة عن مسخهم قردة، كقوله: {إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} والمعنى: أنّ اللّه تعالى عذبهم أوّلا بعذاب شديد، فعتوا بعد ذلك فمسخهم. وقيل: فلما عتوا، تكرير لقوله: {فَلَمَّا نَسُوا} والعذاب البئيس: هو المسخ.
.[سورة الأعراف: آية 167] {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167)}.{تَأَذَّنَ رَبُّكَ} عزم ربك، وهو تفعل من الإيذان وهو الإعلام، لأنّ العازم على الأمر يحدّث نفسه به ويؤذنها بفعله، وأجرى مجرى فعل القسم، كعلم اللّه، وشهد اللّه. ولذلك أجيب بما يجاب به القسم وهو قوله: {لَيَبْعَثَنَّ} والمعنى: وإذ حتم ربك وكتب على نفسه ليبعثنَّ على اليهود إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ {مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ} فكانوا يؤدّون الجزية إلى المجوس، إلى أن بعث اللّه محمدا صلى اللّه عليه وسلم فضربها عليهم، فلا تزال مضروبة عليهم إلى آخر الدهر. ومعنى {ليبعثنّ عليهم} ليسلطنّ عليهم، كقوله: {بعثنا عليكم عبادا لنا أولى بأس شديد}..[سورة الأعراف: الآيات 168- 169] {وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا ما فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (169)}.{وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا} وفرقناهم فيها، فلا يكاد يخلو بلد من فرقة منهم {مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ} الذين آمنوا منهم بالمدينة، أو الذين وراء الصين {وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ} ومنهم ناس دون ذلك الوصف منحطون عنه، وهم الكفرة والفسقة. فإن قلت: ما محل دون ذلك؟ قلت: الرفع، وهو صفة لموصوف محذوف، معناه: ومنهم ناس منحطون عن الصلاح، ونحوه {وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ} بمعنى: وما منا أحد إلا له مقام {وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ} بالنعم والنقم {لَعَلَّهُمْ ينتهون} فينيبون {فَخَلَفَ من} بعد المذكورين {خَلْفٌ} وهم الذين كانوا في زمن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {وَرِثُوا الْكِتابَ} التوراة بقيت في أيديهم بعد سلفهم يقرءونها ويقفون على ما فيها من الأوامر والنواهي والتحليل والتحريم، ولا يعملون بها {يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى} أي حطام هذا الشيء الأدنى، يريد الدنيا وما يتمتع به منها. وفي قوله: {هذَا الْأَدْنى} تخسيس وتحقير. والأدنى: إما من الدنوّ بمعنى القرب، لأنه عاجل قريب، وإما من دنوّ الحال وسقوطها وقلتها، والمراد: ما كانوا يأخذونه من الرشا في الأحكام على تحريف الكلم للتسهيل على العامة وَيَقُولُونَ {سَيُغْفَرُ لَنا} لا يؤاخذنا اللّه بما أخذنا. وفاعل {سَيُغْفَرُ} الجار والمجرور، وهو {لَنا} ويجوز أن يكون الأخذ الذي هو مصدر {يأخذون} {وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} الواو للحال، أي يرجون المغفرة وهم مصرون عائدون إلى مثل فعلهم، غير تائبين. وغفران الذنوب لا يصح إلا بالتوبة، والمصر لا غفران له {أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ} يعنى قوله في التوراة: من ارتكب ذنبا عظيما فإنه لا يغفر له إلا بالتوبة {وَدَرَسُوا ما فِيهِ} في الكتاب من اشتراط التوبة في غفران الذنوب، والذي عليه المجبرة هو مذهب اليهود بعينه كما ترى. وعن مالك بن دينار رحمه اللّه، يأتى على الناس زمان إن قصروا عما أمروا به، قالوا: سيغفر لنا، لأنا لم نشرك باللّه شيئا، كل أمرهم إلى الطمع، خيارهم فيهم المداهنة، فهؤلاء من هذه الأمّة أشباه الذين ذكرهم اللّه، وتلا الآية. {وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ} من ذلك العرض الخسيس {لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} الرشا ومحارم اللّه. وقرئ: {ورّثوا الكتاب}. و{ألا تقولوا}، بالتاء. و{ادّارسوا}، بمعنى تدارسوا. و{أفلا تعقلون}، بالياء والتاء. فإن قلت: ما موقع قوله: {أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقّ} قلت: هو عطف بيان لميثاق الكتاب. ومعنى ميثاق الكتاب. الميثاق المذكور في الكتاب.وفيه أن إثبات المغفرة بغير توبة خروج عن ميثاق الكتاب وافتراء على اللّه.وتقوّل عليه ما ليس بحق. وإن فسر {ميثاق الكتاب} بما تقدم ذكره كان أَنْ لا يَقُولُوا مفعولا له. ومعناه: لئلا يقولوا. ويجوز أن تكون إِنْ مفسرة، ولا يَقُولُوا نهيًا، كأنه قيل: ألم يقل لهم لا تقولوا على اللّه إلا الحق؟ فإن قلت: علام عطف قوله: {وَدَرَسُوا ما فِيهِ}؟ قلت: على {أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ} لأنه تقرير، فكأنه قيل: أخذ عليهم ميثاق الكتاب ودرسوا ما فيه..[سورة الأعراف: آية 170] {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170)}.{وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ} فيه وجهان، أحدهما: أن يكون مرفوعا بالابتداء وخبره {إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} والمعنى: إنا لا نضيع أجرهم، لأنّ المصلحين في معنى الذين يمسكون بالكتاب، كقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} والثاني: أن يكون مجرورًا عطفًا على {الذين يتقون} ويكون قوله: {إِنَّا لا نُضِيعُ} اعتراضا. وقرئ: {يمسكون} بالتشديد. وتنصره قراءة أبىّ {والذين مسكوا بالكتاب} فإن قلت: التمسك بالكتاب يشتمل على كل عبادة. ومنها إقامة الصلاة، فكيف أفردت؟ قلت: إظهارا لمزية الصلاة لكونها عماد الدين، وفارقة بين الكفر والإيمان. وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه {والذين استمسكوا بالكتاب}. اهـ..قال الخطيب الشربيني في الآيات السابقة: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم}.الخطاب عام وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مبعوثًا إلى كافة الثقلين بل وإلى الملائكة قاله السبكي والبقاعيّ وغيرهما وهذا هو اللائق بمقامه صلى الله عليه وسلم وإن خالف في ذلك بعضهم، وأما سائر الرسل فمبعوثون إلى أقوامهم فقط لقوله صلى الله عليه وسلم: «أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي أرسلت إلى الأحمر والأسود وجعلت لي الأرض طيبة مسجدًّا وطهورًا ونصرت على عدوّي بالرعب يرعب مني مسيرة شهر وأطعمت الغنيمة دون من قبلي وقيل لي سل تعطه وأخبأت شفاعتي لأمتي».
|